بعد 2000 عام.. رفات بشرية تكشف لغز “ذبح” شابة في طقس ديني خلال العصر الحديدي

توصل علماء الآثار إلى أن رفات بشرية قديمة، عُثر عليها في مستنقعات مقاطعة لندنديري بأيرلندا الشمالية، يُرجّح أنها تعود لامرأة شابة فارقت الحياة خلال طقوس قبل ما يزيد على ألفي عام.

وثمة اعتقاد أن الشابة “قُتلت” في طقس ديني أو أثناء تقديم قرابين خلال العصر الحديدي.

وكان العلماء قد ظنّوا سابقاً عندما عثروا على الرفات التي يزيد عمرها على ألفي عام قُرب بيلاجي في أيرلندا الشمالية، أنها رفات شاب في سن المراهقة.

بيد أن فريقاً من الخبراء، من متحف أولستر وجامعات عدة، على رأسها جامعة كوينز بلفاست، أجرى دراسة متخصصة لكشف المزيد من المعلومات عن تلك الرفات البشرية.

وتُؤرّخ هذه الرفات إلى الفترة ما بين عام 343 وعام واحد قبل الميلاد، مما يعني أن عمرها يزيد على ألفي عام، وهي فترة تنتمي إلى حقبة ما قبل التاريخ المعروفة بالعصر الحديدي في أوروبا.

وأوضحت بيكر أن هذه العلامات تدل على أن “هذا الشخص تعرّض لعملية ذبح بشكل متعمّد في المستنقع”.

وقالت بيكر: “من المرجح أنهم أخذوا الجمجمة في ذلك الوقت، خلال العصر الحديدي”.

وأضافت: “لعل هذا الاكتشاف ينتمي إلى سلسلة من طقوس القتل وتقديم القرابين القديمة، إذ يُلاحظ تكرار مثل هذه الممارسات في مختلف أنحاء شمال غرب أوروبا وأيرلندا”.

كما تولّت إيلين ميرفي، أستاذة علم الآثار في جامعة كوينز بلفاست، مهمة فحص الرفات ووضع تقييم دقيق لها.

وأضافت: “كما هو الحال بالنسبة لكثير من رفات المستنقعات التي تعود إلى العصر الحديدي، لاقت هذه الشابة مصيراً مأساوياً، إذ أُريق دمها عن طريق قطع حلقها قبل أن تُفصل رأسها عن جسدها في مشهد دموي قاس”.

وقالت ميرفي: “أخذوا الرأس، بينما تُرك الجسد في موقع سقوطه، ولم يُكشف عنه إلا بعد مرور نحو ألفي عام خلال أعمال تنقيب أثرية”.

وأشارت بيكر إلى أن الخبراء سيواصلون إجراء مزيد من الدراسات على هذه الرفات، علّها تفصح عن أسرار جديدة حول أساليب الحياة في العصر الحديدي.

وقالت: “نرجو أن تقودنا تلك الدراسات إلى كشف أسرار النظام الغذائي الذي كانت تتبعه الشابة، وربما تتيح لنا معلومات تكشف عن آثار تحركاتها”.

وقالت: “لا توجد سوى أدلة محدودة تزوّدنا بمعلومات بشأن تفاصيل الحياة اليومية في العصر الحديدي”.

وأوضحت بيكر أن “ما تبقى من آثار ليس سوى قطع أثرية بديعة وأدوات فاخرة، الأمر الذي يشير إلى وجود نخبة اجتماعية خلال تلك الفترة”.

“معاملة الرفات باحترام”

يُعد حصن نافان في مقاطعة أرماغ أبرز مستوطنة معروفة من العصر الحديدي في أيرلندا الشمالية.

ويرجع سبب ذلك إلى أن المتاحف، حسبما أوضحت هانا كراودي، رئيسة القسم الإشرافي بالمتاحف الوطنية لأيرلندا الشمالية، مطالبة بـ “التفكير جيدا” فيما يخص الرفات البشرية التي تحتفظ بها، وسبل التعامل معها بما يليق من الاحترام.

وقالت: “لقيت هذه المرأة حتفها بقطع رأسها، وهذا بطبيعة الحال يجعل حال البقايا المكتشفة في وضع قد يكون مؤلماً أو مروعاً لمن يشاهده”.

وأضافت كراودي: “ينبغي أن يكون هناك مبرر قوي للغاية لعرض هذه الرفات، إذ أننا لا نسعى إطلاقا لعرضها بغرض الإثارة أو لفت الأنظار.

وأوضحت: “أتصور أننا قادرون على تقديم عرض مميز وجذاب يتيح للناس فهم مجريات الأمور، وسرد قصة الشابة دون المساس بخصوصية الرفات”.

كما أوضحت كراودي أن هناك مناقشات تُجرى بشأن مومياء “تاكبوتي” المصرية، التي تُعد من أبرز المعروضات في متحف أولستر.

وقالت: “توجد العديد من القضايا المعقدة التي يجب دراستها بعمق”.

وأضافت: “يدور نقاش مستمر بشأن إذا كان ينبغي عرض تاكبوتي، والطريقة التي سيجري بها ذلك، إضافة إلى مستقبلها”.

وكان المتحف قد نظّم لقاء جمع نخبة من الخبراء من مختلف أنحاء المملكة المتحدة ومصر لبحث مستقبل تاكبوتي.

وأكدت كراودي أن ثمة مبررات قوية تدعم كلا الرأيين، سواء الرأي المؤيد لعرض تاكبوتي أو المعارض له.

واختتمت حديثها قائلة: “نحن في طور التعامل مع هذه القضايا في الوقت الراهن، ونسعى لإجراء العديد من المناقشات قدر الإمكان”.

 

المصدر: BBC