“تحارب القضاة بدل المجرمين”.. عقوبات واشنطن على الجنائية الدولية تفجر غضبا

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين في المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة أثارت موجة انتقادات واسعة، بعد تصويتهما ضد طعن قدمته إسرائيل على اختصاص المحكمة بالتحقيق في جرائم يشتبه بارتكابها في قطاع غزة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو فرض العقوبات، مبررا القرار بأن القاضيين استهدفا دولة “تدافع عن سيادتها” على حد تعبيره، في إشارة إلى إسرائيل، وهي خطوة رحبت بها الحكومة الإسرائيلية واعتبرتها دفاعا سياسيا وقانونيا عنها.

وبحسب المعطيات، فإن القاضيين أحدهما من جورجيا والآخر من منغوليا، صوّتا في وقت سابق من هذا الأسبوع ضد الطعن الإسرائيلي المتعلق باختصاص المحكمة، وهو ما وصفته واشنطن بـ”الحرب القانونية” على إسرائيل.

من جانبها، أعربت المحكمة الجنائية الدولية عن رفضها للعقوبات الأميركية، واعتبرتها اعتداء صارخا على استقلال هيئة قضائية دولية، ومحاولة لترهيب القضاة والتأثير على مسار العدالة.

تفاعل واسع وانتقادات حادة

وأثارت الخطوة الأميركية تفاعلا واسعا بين نشطاء وخبراء قانون دولي حول العالم، إذ شكك كثيرون في ازدواجية المعايير الأميركية وهو ما رصده برنامج “هاشتاغ” في حلقة (2025/12/18).

وفي هذا السياق، علقت الصحفية ناتاليا موريس منتقدة الموقف الأميركي وانحيازه الكامل إلى جانب إسرائيل، قائلة:

“الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، فرض العقوبات على قضاتها مع إنكار صلاحيتها تناقض واضح، حددوا موقفكم، وتذكيرا فقط، أنتم لا تمثلون إسرائيل”.

بواسطة ناتاليا موريس

ومن زاوية قانونية، اعتبرت الحقوقية سارة ليا ويتسون أن رد “الجنائية الدولية” غير كاف، وكتبت:

“رفض هذه العقوبات وحده لا يكفي، ينبغي على المحكمة أن تلاحق قضائيا هذا التدخل السافر وترهيب القضاة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، التي تجرّم أي تدخل أو عبث بسير العدالة داخل المحكمة الجنائية الدولية، لحماية المحكمة وقضاتها من الضغط والابتزاز السياسي”.

بواسطة سارة ليا ويتسون

وفي تساؤل سياسي مباشر، كتب توم إليوت منتقدا موقف واشنطن ودورها “كشرطي للعالم”:

“لماذا ينبغي للولايات المتحدة أن تتدخل أصلا؟ ماذا حدث لما قالته الإدارة في البداية عن تراجع الولايات المتحدة عن دورها المفترض كشرطي للعالم؟”.

بواسطة توم إليوت

أما ماركوس فاختصر انتقاده بسخرية لاذعة، قائلا:

“نحن نحب فرض العقوبات على القضاة بدلا من المجرمين، يبدو أنه علينا التعايش مع هذا الأمر”.

بواسطة ماركوس

وفي تعليق أوسع على أثر هذه الخطوة، كتب أحد الحسابات المعنية بالقانون الدولي محذرا من تداعيات الخطوة الأميركية:

“مثل هذه الإجراءات التي تستهدف قضاة ومدعين انتخبتهم الدول الأطراف تقوض سيادة القانون، وعندما يُهدد الفاعلون القضائيون بسبب تطبيقهم للقانون، فإن نظام القانون الدولي نفسه يصبح في خطر”.

بواسطة مدون

وفي ختام التفاعلات، عبّر أحد المدونين عن تشكيكه الجذري في جدوى المنظومة القانونية الدولية، قائلا:

“بشكل عام هذا يعزز ما كنت أعتقده دائما، القانون الدولي لا وجود حقيقي له، هذا لا يعني أنه لا ينبغي عادة الالتزام به، لكن في نهاية المطاف هو مجرد مسرح سياسي، ومن الأفضل أن نجيد لعب هذه اللعبة”.

بواسطة مدون

وتأتي هذه العقوبات في سياق متكرر، إذ سبق أن فرضت الولايات المتحدة في مارس/آذار 2025 عقوبات على قاضيين فرنسي وكندي، إضافة إلى مدعين عامين في المحكمة، بدعوى مشاركتهم في جهود تحقيق أو إصدار أوامر توقيف بحق مواطنين أميركيين أو إسرائيليين.

إعلان

وتستند الولايات المتحدة وإسرائيل في موقفهما إلى كونهما لم توقعا على نظام روما الأساسي الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية، معتبرتين أن المحكمة لا تملك أي صلاحية لملاحقتهما، في رسالة وُصفت بأنها واضحة وصاخبة مفادها أن أي تحركات قانونية ضد دول غير موقعة ستقابل بعواقب.

 

المصدر: الجزيرة