جيانغشي الصينية.. كنز المعادن النادرة تكتنفه السرية

تحتوي التربة الحمراء في جنوب الصين على واحدة من أكبر كنوز المعادن النادرة الحيوية تُستخرج على مدار الساعة بطريقة سرية وحراسة مشددة، وتشكّل إحدى أهم نقاط القوة للبلاد وترغب دول العالم بالحصول عليها.

تختزن تلال مقاطعة جيانغشي غالبية المناجم الصينية لهذه المواد المعدنية التي باتت لا غنى عنها في صناعة الهواتف الذكية والطائرات الحربية والمركبات الكهربائية وطواحين الرياح على سبيل المثال.

وفي غانتشو مركز هذه الأنشطة، توضع اللمسات الأخيرة على مقر شركة مجموعة الصين للمعادن النادرة “تشاينا رير إيرث غروب”، أحد عملاقي الدولة اللذين يتوليان إدارة هذه الموارد.

ويقع المبنى في شارع يحمل اسم “جادة المعادن النادرة”.

بيد أن السرّية والحراسة الأمنية المشددة تكتنفان هذا القطاع الإستراتيجي المزدهر، كما أن الوصول إلى المناجم والمصانع مقيد بشدة

ويشهد القطاع نموا كبيرا وقد ارتفع عدد مواقع التنقيب عن المعادن النادرة في الصين من 117 في 2010 إلى 3085 اليوم، بحسب المعهد الأميركي للمسح الجيولوجي.

In this photo take on November 20, 2025, a view of a rare earths processing plant is seen in Dingnan County, Ganzhou, in eastern China's Jiangxi province . Buried in the reddish soil of southern China lies latent power: one of the largest clusters of crucial rare earths is mined around the clock by a secretive and heavily guarded industry. The hills of Jiangxi province are home to most of China's rare earth mines, with the materials used in products from smartphones to missile guidance technology. (Photo by Hector RETAMAL / AFP) / TO GO WITH 'CHINA-ECONOMY-POLITICS-TRADE-MINING, REPORTAGE' BY PETER CATTERALL
عدد مواقع التنقيب عن المعادن النادرة في الصين من 117 في 2010 إلى 3085 اليوم (الفرنسية)

معادن الصين

في العام 1992، شدّد الزعيم دينغ شياو بينغ على الأهمية الإستراتيجية لهذه الموارد، قائلا إن “الشرق الأوسط لديه النفط والصين لديها المعادن النادرة”.

وتستفيد الصين من احتياطيّها من هذه المعادن، الأكبر من نوعه في العالم، للهيمنة على المعالجة والابتكار في هذا المجال.

وتستغل هذا الكنز الثمين لمواجهة الرسوم الجمركية الإضافية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وأثارت الصين هلع العالم بفرضها قيودا على صادرات المعادن النادرة والتكنولوجيات المرتبطة بها، ودفعت الإدارة الأميركية إلى مراجعة زياداتها الجمركية.

وتبحث الولايات المتحدة جاهدة عن مصادر إمداد بديلة، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي الشديد التأثر بالقيود الصينية رصد 3 مليارات يورو لتمويل مشاريع خاصة باستخراج المعادن النادرة والمواد الأولية الأساسية وتكريرها وإعادة تدويرها.

إعلان

وتختزن المعادن النادرة قدرات مغناطيسية تُستخدم في مجالات عدة.

المركزان الرئيسيان

وتتركز هذه الصناعة في منطقتين في الصين بشكل رئيسي:

  • الأولى هي المنطقة المنجمية في بايان أوبو في منغوليا الداخلية (شمال الصين) الزاخرة بالمعادن النادرة المعروفة بـ”الخفيفة” والمستخدمة خصوصا في مغناطيس القطع العادية في الحياة اليومية.
  • أما المنطقة الثانية، فتقع في محيط غانتشو جنوب البلاد وتختزن ما يُعرف بالمعادن النادرة “الثقيلة” التي يكون استخراجها أكثر صعوبة عادة لكنها أثمن، إذ إنها تستخدم في المغناطيس المقاوم للحرارة ومحركات الطائرات القتالية وأنظمة التحكم بالصواريخ والليزر.

وفي التلال الوعرة التي تحيط بالمدينة مواد كيميائية يكثر الطلب عليها هي خصوصا الديسبروسيوم والإيتريوم والتربيوم.

ويتطلب تكوّن المعادن النادرة الثقيلة، وفق التقديرات الجيولوجية، فترات زمنية طويلة تمتد إلى ملايين السنين. كما تسهم الخصائص الجيولوجية لجيانغشي، إلى جانب غزارة التساقطات، في تهيئة بيئة ملائمة لتركيز هذه العناصر.

وقد تطورت سبل الاستخراج على مر الزمن وتحرص السلطات على تأطير تلك الأشد خطورة منذ حوالى 15 سنة.

وتقضي إحدى الوسائل بـ”قطع الأشجار واقتلاع النبات ونزع الطبقة الصالحة للزراعة، بما يتسبّب بأضرار لا تعوض”، وفق ما كشفت السلطات سنة 2015.

وقد تراجعت الأنشطة غير القانونية بشكل كبير اليوم، ونشرت لافتات في مناطق ريفية تشير إلى تقديم مكافآت لكل من يبلّغ عن أعمال من هذا القبيل.

لكنّ التربة الحمراء العارية حول التلال حيث بالكاد ينمو النبات، تبقى شاهدة على الممارسات المنجمية السابقة.

 

المصدر: الجزيرة