حبوب منع الحمل: هل تزيد من خطر الإصابة بالسرطان؟ ومعلومات أخرى لا تعرفها عنها

تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ من بين 1.9 مليار امرأة في سن الإنجاب (بين 15 و49 عاماً) في جميع أنحاء العالم عام 2021، كانت 1.1 مليار امرأة بحاجة إلى وسيلة لمنع الحمل وتنظيم الأسرة، ومن بينهن 874 مليون امرأة اخترن استخدام وسائل منع الحمل الحديثة، منها الحبوب وغيرها من الوسائل.

إلا أنّ عدد مستخدمات حبوب منع الحمل من النساء مرجّح أن يكون أعلى من ذلك، إذ بعيداً عن استخدامها لمنع حدوث الحمل، تُستعمل هذه الوسائل الهرمونية أيضاً للسيطرة على أعراض أمراض أخرى.

ومن أبرز هذه الأعراض التي تساعد الحبوب على تنظيمها، تلك المرتبطة بمتلازمة تكيس المبايض، التي تُقدَّر نسبتها بين 6 و13 في المئة من النساء في سن الإنجاب حول العالم، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ولكن ما مدى صحة هذه الادعاءات؟ وهل هناك معلومات أخرى لا نعرفها عن حبوب منع الحمل؟

تعمل جميع وسائل منع الحمل الهرمونية، ومن ضمنها حبوب منع الحمل، عن طريق إطلاق هرمون اصطناعي يتحايل على الدماغ كي لا يأمر المبيضين بإطلاق بويضة شهرياً، ويزيد كثافة مخاط عنق الرحم عند فتحة الرحم. ويمنع هذان العاملان معاً من تخصيب بويضات الأنثى وعدم تهيئة الرحم لاستقبال جنين.

سألنا طبيبين عن تفاصيل أكثر حول هذه الحبوب وأنواعها وطريقة عملها والمخاطر المرتبطة بها.

إلا أنّ المشكلة في ذلك الوقت، بحسب سعود، “كانت تتعلق بنوع التركيبة الهرمونية والجرعة التي تحتويها هذه الحبوب، وكانت مختلفة جدًا عن الحبوب الموجودة اليوم”.

ويفسر قائلاً: “كانوا يستخدمون هرمون الإستروجين وحده، وبعد سنوات أضافوا إليه البروجستيرون، وبدأوا بجرعات عالية من هذه الهرمونات تصل إلى 100 ميكروغرام من الإيثنيل استراديول”، وهو الشكل المصنع من هرمون الإستروجين.

أمّا حبوب منع الحمل اليوم، “فتحتوي على 30 ميكروغراماً من الإيثنيل إستراديول، وهناك حبوب أخرى تحتوي على 20 و15 ميكروغراماً فقط من هذا الهرمون”، بحسب سعود.

ويشير إلى أنّ الأمر نفسه ينطبق على ما يتعلق بالبروجسترون، “فقد تم تقليل الكمية المستخدمة منه في هذه الحبوب بشكل كبير”.

وهناك نوعان من حبوب منع الحمل تختلف بتركيزات الجرعات.

وأشارت الدكتورة غنى غزيري من الجامعة الأمريكية في بيروت في مقابلة مع بي بي سي عربي، إلى أنّ النوع الأول يحتوي فقط على هرمون البروجسترون وبنسبة منخفضة، أمّا الثاني فهي حبوب مركبة تحتوي على هرموني البروجسترون والاستروجين معاً.

وفي تفصيل لا يعرفه كثيرون حتى من النساء اللواتي يستخدمن هذه الحبوب، هو أنّ حبوب منع الحمل تمنع حدوث الدورة الشهرية، وأنّ الدم الذي تشهده النساء في الأيام القليلة التي تتوقف فيها عن أخذ هذه الحبوب، ليس ناتجاً سوى عن الانسحاب الهرموني من الجسم، وليس له علاقة بدم الدورة الشهرية.

هل ترفع من نسبة خطر الإصابة بالسرطان؟

يقول سعود إنه “علينا أن نكون واضحين جداً، هناك بعض الدراسات ولكنها قليلة، خلصت إلى أنّه في حال استخدام النساء لأنواع معينة من حبوب منع الحمل خلال مرحلة معينة من العمر ولفترة مطولة من الوقت، أي لأكثر من 10 أو 15 عاماً، من الممكن لهذه الحبوب أن تتسبب بزيادة قليلة جداً في نسبة التورمات في منطقة الثدي خصوصاً”.

ولكنه يضيف أنّ دراسات أخرى لم تستطع إثبات ذلك.

وفي محاولة لفهم مستوى الخطر، استطاع باحثون بريطانيون عام 2023 تقريب الصورة إلى الواقع، ووجدوا أنّ استخدام هذه الحبوب لمدة خمس سنوات يزيد من احتمالية إصابة المرأة بسرطان الثدي خلال الخمسة عشر عاماً التالية بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30 في المئة، وتختلف بحسب عمرها آنذاك.

ويتبع كل من سعود وغزيري نهجاً مماثلاً في التعاطي مع الشابات والسيدات اللواتي في عائلاتهنّ نساء مصابات بسرطان الثدي.

ويقول سعود إنه يمكن للطبيب التأني قليلاً قبل وصف هذه الحبوب للنساء اللواتي من الممكن أن يكون لديهنّ استعداد للإصابة بسرطان الثدي بسبب وجود إصابات بسرطان الثدي في العائلة، وبالتالي يحملن صبغيات أو جينات هذا المرض.

فيما تشير غزيري إلى أنّها لا تفضل في هذه الحالة وصف هذه الحبوب لمدة تتخطى العشر سنوات.

كما أشار الطبيبان إلى أنه في المقابل، يمكن لحبوب منع الحمل أن تحمي من الإصابة بسرطان المبيض، وأن تستمر هذه الحماية لسنوات حتى بعد توقفهنّ عن استخدامها.

ويضيف سعود أنّ النساء اللواتي لديهنّ نسبة مرتفعة من خطر الإصابة بسرطان المبيض ولا يزلن في عمر مبكر، و”لا يمكننا إزالة المبيض لهنّ، يمكن أن نصف لهنّ حبوب منع الحمل للتقليل من خطر الإصابة بسرطان المبيض”.

وتضيف غزيري أن دراسات أخرى أشارت إلى حماية توفرها حبوب منع الحمل من سرطان بطانة الرحم أيضاً.

والجدير بالذكر، هو أنّ بعض الدراسات، وجدت أنّ ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي المرتبط باستخدام حبوب منع الحمل، ينخفض الى المستويات السابقة بعد 10 سنوات من التوقف من استخدام هذه الحبوب.

لماذا توصف لحالات أخرى؟

وتشير غزيري إلى أنّ حبوب منع الحمل، تعتبر أكثر الأدوية التي توصف للنساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض عالمياً، وذلك لأنها تعمل على عدة عوارض في آنٍ معاً، إذ إنها تقوم بتنظيم الدورة الشهرية، وتخفف من مستويات الهرمون الذكري الذي يسبب بتزيت البشرة وظهور حب الشباب والشعر الزائد.

لكنها تشير إلى أنّه يجب الاعتراف أيضاً بأنّ الفوائد “الجمالية” على الأقل لحبوب منع الحمل، ليست أبدية، إذ ستظهر الحبوب والشعر الزائد وتزيت البشرة مجدداً بعد التوقف عن استخدامها، وسيكون على المريضة حينها إيجاد حلول بديلة.

ومن جهته، يفسر سعود أنّ ليس جميع المرضى اللواتي يعانين من هذه المتلازمة يعانين من العدد نفسه من الأعراض، أو بالحدية نفسها. فبعضهنّ “يعانين من عدم انتظام في الدورة الشهرية أو من نزيف دم من شدة الدورة، وأخريات فقط من حب الشباب، أو من شعر زائد أو من بشرة دهنية أو من وزن زائد، أو من مقاومة الإنسولين، أو من مجموعة من هذه العوارض مجتمعة”.

ويضيف: “لكل حالة طريقة علاج مختلفة. وعندما نقوم بوصف علاج معين في هذه الحالات، نراقب المريضة عن كثب ونطلب منها العودة لإجراء معاينة ومراقبة تفاعلها مع العلاج مرات عدة”.

هل تسبب حبوب منع الحمل العقم؟

يقول سعود إن الحديث عن علاقة بين حبوب منع الحمل والعقم غير صحيح. ويضيف: “هذه واحدة من المعتقدات الخاطئة عن حبوب منع الحمل”.

ويقول إنه على العكس من ذلك، “يمكن لحبوب منع الحمل حتى أن يكون لديها تأثير إيجابي على الحمل في وقت لاحق، إذ إنها تحمي في الحقيقة المبايض، لأنها توقف الإباضة، وبالتالي تحمي من بطانة الرحم المهاجرة على سبيل المثال، ومن الأكياس على المبايض، وهما حالتان طبيتان تجعل إمكانية الحمل أكثر صعوبة”.

ويفسر اعتقادات الناس الخاطئة حول ذلك بالقول إنّ “ما يحدث عادةً، هو أنّ بعض الأشخاص لا يعلمن بوجود مشكلات لديهنّ مثل متلازمة تكيس المبايض التي يمكنها أن تجعل الإباضة غير منتظمة، مما يؤخر من حدوث الحمل، أو بطانة الرحم المهاجرة، وبعد توقفهنّ عن استخدام حبوب منع الحمل، يعتقدن أنّها المسؤولة عن عدم حملهنّ، وليس مشكلاتهنّ الأساسية”.

وفي بعض الحالات، يقول سعود، إنّ استخدام حبوب منع الحمل قد يكون له تأثير إيجابي على الإباضة لدى النساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض ولا يمرون بمرحلة الإباضة كل شهر.

 

المصدر: BBC