فُتح في واشنطن فصل جديد من السجال السياسي الحاد، بعد أن أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) فتح تحقيق أولي مع 6 مشرعين ديمقراطيين، على خلفية رسالة مصورة وجّهوها إلى أفراد الجيش والأجهزة الأمنية، دعوهم فيها إلى رفض تنفيذ “الأوامر غير القانونية” والالتزام بالدستور الأميركي.
المقاطع المصورة التي عُرضت متتابعة في تقرير أعده مراسل الجزيرة أحمد هزيم، أظهرت المشرعين الستة وهم يخاطبون العسكريين بعبارات مباشرة وحازمة: “يمكنك رفض الأوامر غير القانونية”، “قسمك كان للدستور”، و”لا أحد مُجبر على تنفيذ أوامر تنتهك القانون”.
هذه الرسائل القصيرة في صياغتها، سرعان ما تحولت إلى شرارة مواجهة سياسية وقانونية واسعة.
ويضع التقرير هذه الرسالة في سياق مخاوف متنامية داخل الكونغرس، خصوصا في أوساط الديمقراطيين، من سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه المؤسسة العسكرية.
ويشير إلى قلق النواب من مدى قانونية عمليات عسكرية خارجية، مثل استهداف قوارب فنزويلية في المياه الدولية، إلى جانب ما يعتبرونه “عسكرة الداخل” عبر نشر قوات الحرس الوطني في مدن أميركية.
ولا يتوقف التقرير عند مضمون الرسالة فقط، بل يستعرض الخلفيات العسكرية والأمنية للمشرعين الستة، في محاولة لفهم دوافعهم.
فجميعهم خدموا في الجيش أو في أجهزة الاستخبارات، من محللين سابقين في وكالة الاستخبارات المركزية، إلى ضباط في البحرية والقوات الجوية، وجنود خاضوا جولات قتالية في العراق وأفغانستان، وهو ما يمنح الرسالة بعدا مختلفا عن كونه موقفا سياسيا عابرا.
غضب ترامب
بيد أن هذه الاعتبارات لم تمنع رد فعل غاضب من الرئيس دونالد ترامب، حيث سارع إلى مهاجمة المشرعين عبر منصته “تروث سوشيال”، واصفا سلوكهم بالتحريضي، وداعيا إلى سجنهم قبل أن يذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن ما قاموا به “يُعاقب عليه بالإعدام”، باعتباره دعوة إلى تمرد داخل الجيش.
ورغم تراجع البيت الأبيض لاحقا عن لهجة الدعوة إلى الإعدام، فإن الهجوم السياسي استمر مع اتهام المشرعين الستة بالتحريض على تقويض سلطة القيادة السياسية على المؤسسة العسكرية.
وفي خضم هذا التصعيد، دخل مكتب التحقيقات الفدرالي على الخط، معلنا فتح تحقيق في القضية، وهو ما منح السجال بعدا قانونيا جديدا، المشرعون من جانبهم اعتبروا التحقيق محاولة لترهيبهم واستخدام الأجهزة الأمنية لتصفية خلافات سياسية.
ويعرض التقرير تباين آراء الخبراء القانونيين والعسكريين حول جوهر القضية، فمن جهة يؤكد القانون الأميركي حق العسكري في رفض الأوامر غير القانونية، ومن جهة أخرى، يحذر خبراء من أن تقدير “قانونية” الأوامر ليس من اختصاص الأفراد، وأن رفضها قد يعرّضهم للمساءلة أمام القضاء العسكري.
لم تعد المواجهة سياسية فحسب، بل باتت اختبارا حساسا للعلاقة بين السلطة التنفيذية والمؤسسة العسكرية، في وقت يتهم فيه المشرعون ترامب بتسييس الجيش، بينما يرد الرئيس باتهامهم بمحاولة زجّه في مواجهة مع قيادته السياسية.
المصدر: الجزيرة