تصدر تطبيق الرسائل المجاني “سيغنال” عناوين الأخبار بعد أن أكد البيت الأبيض أنه استخدمه في محادثة جماعية سرية بين عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين.
وأُضيف رئيس تحرير مجلة “أتلانتيك” جيفري غولدبرغ، عن طريق الخطأ، إلى المجموعة التي ناقشت خطط توجيه ضربة ضد جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن.
وأثارت هذه التسريبات ردود أفعال شديدة، وصفها زعيم الكتلة البرلمانية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بأنها “واحدة من أكثر التسريبات المخابراتية العسكرية المذهلة في التاريخ”، مطالباً بإجراء إجراء تحقيق في الأمر.
ولكن ما هي حقيقة تطبيق “سيغنال”، وإلى أي مدى كانت اتصالات كبار السياسيين عليه آمنة؟
وتقول المؤسسة مالكة التطبيق إنها تجمع معلومات أقل بكثير من المستخدمين، مقارنة بتطبيقات أخرى، فالتطبيق لا يخزن سجلات الأسماء أو صور الملفات الشخصية أو المجموعات التي ينتمي إليها الأشخاص.
وليست هناك حاجة للتقليل من هذه الخصائص لزيادة أرباح التطبيق، فشركة “سيغنال” مملوكة لمؤسسة “سيغنال فوندايشن”، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها الولايات المتحدة، وتعتمد على التبرعات بدلاً من عائدات الإعلانات.
“غريب للغاية”
إن الادعاء بأن سيغنال “هو تطبيق ذهبي” هو ما يجعل التطبيق جاذباً لخبراء الأمن السيبراني والصحفيين، الذين يقبلون على استخدامه.
ويرجع ذلك إلى أن هناك مخاطرة كبيرة لا يمكن تفاديها في التواصل عبر الهاتف الذكي، فهو آمن فقط بقدر أمان الشخص الذي يستخدمه.
فإذا تمكن شخص ما من الدخول إلى هاتفك وكان تطبيق “سيغنال” مفتوحاً، أو إذا توصل إلى كلمة المرور، فسوف يتمكن من الاطلاع على رسائلك.
ولا يمكن لأي تطبيق أن يمنع أي شخص من التجسس إذا كان الشخص يستخدم هاتفه في مكان عام.
وقالت خبيرة البيانات كارو روبسون، التي عملت مع الإدارة الأمريكية لفترة، إنه “من الغريب للغاية” أن يتواصل كبار المسؤولين الأمنيين عبر منصة رسائل مثل “سيغنال”.
وأضافت “عادة ما يُستخدم نظاماً حكومياً آمناً للغاية تشغله وتمتلكه الحكومة وتزوده بمستويات عالية جداً من التشفير”.
واستخدمت الحكومة الأمريكية تاريخياً نظاماً معلوماتياً حساساً ومقسماً (يعرف بـScif “سكيف”) لمناقشة قضايا الأمن الوطني.
ونظام “سكيف” هو عبارة عن منطقة مغلقة شديدة الأمان لا يُسمح فيها بوجود الأجهزة الإلكترونية الشخصية.
وتوجد منطقة “سكيف” في أماكن تتراوح من القواعد العسكرية إلى منازل المسؤولين.
وأضافت أن “النظام بأكمله مشفر ومؤمَّن على نطاق واسع باستخدام أعلى معايير التشفير التي تطبقها الحكومة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع”.
التشفير والسجلات
وهناك مشكلة أخرى تتعلق باستخدام تطبيق “سيغنال”؛ وهي مشكلة اختفاء الرسائل التي أثارت مخاوف حيال استخدامه في الفترة الأخيرة.
ويتيح التطبيق، كغيره من تطبيقات، خاصية ضبط الرسائل بحيث تختفي بعد فترة زمنية محددة.
وقال غولدبرغ إن “بعض الرسائل في مجموعة “سيغنال” التي أضيف إليها اختفت بعد أسبوع.
كما قد تنتهك القوانين المتعلقة بحفظ السجلات، ما لم يقم المستخدم بإعادة توجيه رسائله إلى حساب حكومي رسمي.
وهذه المشكلة بعيدة كل البعد عن مشكلات الصف الأول التي يتقدمها التشفير الشامل.
لكن تطبيقات مثل سيغنال وواتساب خاضت معارك ضد محاولات إنشاء مثل هذا الباب الخلفي، مؤكدةً أنه قد يقع في الأيدي الخطأ في نهاية المطاف.
وسبق لشركة سيغنال أن هددت في 2023 بوقف تشغيل تطبيقها في المملكة المتحدة إذا حاول المشرعون البريطانيون المساس بالخصوصية التي توفرها للمستخدمين.
ودخلت حكومة المملكة المتحدة في خلاف كبير مع شركة أبل هذا العام بسبب استخدام الشركة تكنولوجيا التشفير الشامل لحماية ملفات معينة مخزنة إلكترونياً.
وانتهى الأمر بشركة أبل إلى سحب هذه الخاصية بالكامل في المملكة المتحدة بعد أن طالبت الحكومة بالوصول إلى البيانات المحمية بهذه الطريقة من قبل شركة التكنولوجيا العملاقة.
ولكن كما يظهر هذا الجدل، فإن أي مستوى من الأمن أو الحماية القانونية لن يكون مهماً إذا كنت تشارك بياناتك السرية مع الشخص الخطأ.
أو كما قال أحد منتقدي طريقة التعامل مع البيانات بصراحة أكثر: “التشفير لا يستطيع حمايتك من الغباء”.