قلق ومطالبات بتعطيل الدراسة.. هل ظهر متحور جديد لكورونا في مصر؟

تشهد منصات التواصل الاجتماعي في مصر منذ أيام موجة متصاعدة من القلق، بعد انتشار منشورات ومقاطع فيديو تدعو إلى اتخاذ “إجراءات احترازية صارمة” بسبب الوضع الوبائي في البلاد، في حين وجد كثيرون أنفسهم أمام مشهد يوحي بعودة أجواء جائحة كورونا.

وفي ظل هذا المناخ المشحون بالخوف، ولا سيما بين أولياء الأمور، تصاعدت الادعاءات والمعلومات المضللة بوتيرة لافتة، وسط تحذيرات من تفشي “متحور جديد لكورونا”، في حين روّجت أخرى لشائعات حول تعطيل الدراسة، مما عزز حالة الارتباك والقلق بين ملايين المصريين.

اقرأ أيضا

list of 3 items

  • list 1 of 3مخاوف من فيروس غريب ينتشر سريعا بغزة واليونيسيف تصف القطاع بمقبرة الأطفال
  • list 2 of 3أوروبا تطلق العنان للذكاء الاصطناعي لمواجهة الأوبئة استباقيا
  • list 3 of 3مختبرات سرية يمكنها قتل الملايين

end of list

في هذا التقرير، ترصد “الجزيرة تحقق” أبرز الادعاءات المتداولة حول الوضع الوبائي في مصر، انطلاقا من المصادر الرسمية، والتصريحات المنشورة، وآراء الأطباء المتخصصين، لتقديم صورة واقعية للتمييز بين الحقيقة والمبالغات المتداولة في الفضاء الرقمي.

منشورات تثير القلق

وفي موازاة هذا القلق المتصاعد، انتشرت على المنصات الرقمية منشورات وصور مجمّعة حازت آلاف المشاركات، تزعم وجود “متحور جديد شديد الخطورة”.

 

وتضمنت هذه المنشورات اتهامات للجهات الرسمية بـ”التعتيم وإخفاء الحقيقة” بشأن الوضع الوبائي، مما أثار جدلا واسعا وفتح الباب لموجة جديدة من التحذيرات والقلق الشعبي.

تحريم الدراسة للمرضى

كما تداول مستخدمون على مواقع التواصل مقطع فيديو عبر منصة “تيك توك” يزعم أن خطبة الجمعة الأخيرة خُصصت للحديث عن “المتحور الجديد” و”حرمانية ذهاب الأطفال المرضى للمدرسة” في ظل انتشار أمراض بين طلاب المدارس.

@user9324303056234

خطبة الجمعة النهاردة عن متحور الانفلونزا الجديد 2025 خطبة الجمعة عن حرمانية ذهاب الاولاد للمدرسة وهما عندهم متحور الانفلونزا الجديد علشان مايعدوش الطلبة في المدرسة حد يوصل الرسالة دي لوزير التربية والتعليم #وزير_التربية_والتعليم #الاجازة#التقيمات

♬ original sound – صاحبة القصة

 

وانتشرت هذه المقاطع، التي حصدت مئات آلاف المشاهدات على منصات عدة، مرفقة بصور لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني محمد عبد اللطيف، إلى جانب مناشدات لحماية الطلاب من الإنفلونزا، ومطالبات من أولياء الأمور بإلغاء التقييمات الأسبوعية والشهرية خلال العام الدراسي الجاري.

إعلان

وتبين لفريق “الجزيرة تحقق” أن الخطبة الأسبوعية “الموحدة” في أكثر من 160 ألف مسجد داخل مصر، الجمعة الماضية، جاءت بعنوان “كن جميلا ترَ الوجود جميلا”، ولم تتطرق في نصها المنشور على موقع وزارة الأوقاف إلى الأوضاع الصحية في البلاد من قريب أو بعيد.

وبالبحث، تبين أن الجامع الأزهر، الذي يخضع في قراراته لمشيخة الأزهر فقط، خصص خطبته الأخيرة حول موضوع “كف الأذى عن النفس والغير من شعب الإيمان”، وألقاها الأمين العام لهيئة كبار العلماء، عباس شومان.

وخلال الخطبة، أوضح شومان أن من يصاب بنزلات البرد والأمراض المعدية “يلزمه شرعا أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم الإضرار بالآخرين”، سواء عبر اعتزال أماكن تجمع الناس أو اتخاذ أقصى أسباب الوقاية عند الاضطرار للخروج.

 

كما حذر أولياء الأمور من “إخفاء مرض أطفالهم المُعدي وإرسالهم إلى المدارس”، معتبرا هذا الفعل إيذاء متعمّدا وخيانة تخالف القاعدة الشرعية “لا ضرر ولا ضرار”.

تعطيل الدراسة

وانتشرت خلال الأيام الماضية منشورات ومقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي تزعم تعطيل الدراسة في مصر الأسبوع المقبل بهدف تعقيم الفصول الدراسية واتخاذ إجراءات احترازية للحد من انتشار العدوى بين الطلاب.

 

وبالبحث، تبين أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة، إذ أكدت مديرية التربية والتعليم بالقاهرة في بيان رسمي انتظام الدراسة في جميع مدارس المحافظة، باستثناء المدارس التي تم تخصيصها كلجان انتخابية، والبالغ عددها 324 مدرسة فقط.

كما نفى مدير مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة في تصريحات صحفية ما يتردد بشأن تعطيل الدراسة، قائلا: “المدارس يتم تعقيم فصولها ودورات المياه يوميا عقب انصراف الطلاب من المدارس، وإن العام الدراسي يسير بشكل طبيعي”.

متحور جديد لكورونا

في الوقت ذاته، رصد فريقنا تداول منشورات على منصتي “فيسبوك” و”إكس” خلال الأيام الماضية تزعم رصد متحور جديد لفيروس كورونا داخل مصر، وسط تحذيرات من تفشي المرض وعودة محتملة لقيود الجائحة.

 

 

في المقابل، يؤكد أطباء ومتخصصون أن أغلب الإصابات المنتشرة حاليا تعود لفيروسات معروفة، مثل الإنفلونزا الموسمية، وفيروس التنفس المخلوي (RSV)، وفيروسات أخرى شائعة في هذا الوقت سنويا.

@dr.zayed55555

متحوّر جديد؟ ولا مجرد دور برد؟ الحقيقة في ثواني! 🥶😳 #المتحور_الجديد #علاج_البرد #متحور_كورونا #explore

♬ الصوت الأصلي – dr.zayed55555

ورغم ذلك، رصد الفريق منشورات متداولة لأطباء عبر مواقع التواصل تشير إلى أن ما يصيب طلاب المدارس حاليا هو متحور جديد من كورونا يعرف باسم “نيمبوس” (NB.1.8.1)، مؤكدين أنه يظهر بأعراض مشابهة لسلالات أوميكرون السابقة.

وقال أحد الأطباء في منشور له على فيسبوك “المتحور سريع الانتشار لكن مش أخطر من اللي قبله، ويحتاج فقط الهدوء والمتابعة والرعاية السليمة وهي أهم من أي خوف أو تهويل”.

حسم الجدل

من جانبها، نفت وزارة الصحة المصرية على لسان المتحدث الرسمي حسام عبد الغفار، “ظهور أي فيروس جديد أو متحوّر غير معروف داخل البلاد” وأوضح في تصريحات متلفزة: “نرصد ارتفاعا في الإصابة بالفيروسات التنفسية، لكنها لا تختلف عن معدلات العام الماضي”.

إعلان

وأكدت وزارة الصحة في بيان رسمي أن “الوضع الوبائي للفيروسات التنفسية في مصر مستقر تماما”.

وحول شعور المواطنين بأن الفيروسات المنتشرة هذا العام أشد، أوضح عبد الغفار أن مناعة المواطنين انخفضت نسبيا نتيجة عدم التعرض لفيروسات الإنفلونزا لعدة سنوات بعد جائحة كورونا، مؤكدا أن “ما يتردد حول زيادة الوفيات بسبب الإنفلونزا، خاصة بين الأطفال، شائعات لا أساس لها من الصحة”.

حقيقة متحور “نيمبوس”

وتظهر تقييمات منظمة الصحة العالمية أن المتحور (NB.1.8.1) مصنّف ضمن فئة المتحورات “تحت المراقبة” وليس ضمن المتحورات المثيرة للقلق، إذ تشير مراجعة صادرة عن فريق المنظمة إلى أن المتحور يسجل انتشارا متزايدا في عدد من الدول، لكنه لا يُظهر أي خصائص غير اعتيادية من حيث شدة المرض أو خطورته.

كما لم تُسجل أي دولة ارتفاعا في مؤشرات الخطورة مثل دخول العناية المركزة أو الوفيات المرتبطة بالمتحور، الذي ظهر لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2025، في حين تشير المنظمة إلى أن اللقاحات المعتمدة ما زالت فعّالة ضده.

 استقرار الوضع الوبائي

وبالنظر إلى البيانات الوبائية المنشورة على لوحة معلومات منظمة الصحة العالمية، يتبيّن أن الاتجاهات العالمية لكوفيد-19 لا تشير إلى أي “طفرة استثنائية أو موجة غير مسبوقة” ترتبط بمتحور جديد.

كما تُظهر البيانات الرسمية أن 65 دولة فقط واصلت الإبلاغ عن حالات كوفيد-19 خلال الفترة الأخيرة، في حين دمجت دول أخرى مراقبة كورونا ضمن منظومة رصد أمراض الجهاز التنفسي الموسمية.

وسجل العالم خلال 28 يوما حتى 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 نحو 122 ألف حالة فقط، بانخفاض يقارب 40 ألف حالة عن الفترة السابقة، مما يؤكد استقرار الوضع الوبائي عالميا وعدم وجود نمط انتشار يوحي بظهور متحور أشد خطورة أو أكثر فتكا.

 

المصدر: الجزيرة