إن تناوُل كميات كبيرة من الكعك، والحلوى، والوجبات الجاهزة وما إلى ذلك من أطعمة- كفيل بأن يزيد من خطر الوفاة المبكرة، وفق ما أظهرت دراسة أُجريت في ثمان دول عن الأطعمة فائقة المعالَجة.
وشملت عيّنة الدراسة أشخاصاً من كولومبيا، وتشيلي، والمكسيك، والبرازيل، وأستراليا، وكندا، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وعكف على تحليل بيانات الدراسة فريقٌ من الباحثين بقيادة إدواردو نيلسون من معهد أوزوالدو كروز في البرازيل.
ونُشرت الدراسة يوم الاثنين في المجلة الأمريكية للطب الوقائي، وأوصى خبراء حكومات الدول بإصدار إرشادات غذائية تستهدف الحدّ من استهلاك الأطعمة فائقة المعالَجة.
وفي حديث لبي بي سي، قالت ميغان روسي، باحثة علوم التغذية في كليّة كينغز في لندن: “الأرقام في زيادة مستمرة، ولا أرى في الأمر ما يدهش”.
وأضافت ميغان: “نحن نعلم منذ زمن طويل أن أطعمة معيّنة- وهي تلك التي تحتوي على كيماويات نباتية وألياف- تحمي خلايانا من التأكسد والالتهاب. هذه الأطعمة ضرورية ووقائية جداً ضد المرض؛ وإذا فرّطنا في تناول تلك الأطعمة، فإننا نفرّط بذلك في تلك الحماية التي تجلبها لخلايانا”.
الأمر الثاني الذي حذّرت منه الباحثة هو أن الأطعمة فائقة المعالَجة تكون سائغة ولا تمنح من يتناولها إحساساً بالشبع لفترة طويلة، ما يعني أنه سيُقبل أكثر وأكثر على تناولها.
نسَق
ورصدت دراسات عديدة نسَقاً بين الأطعمة فائقة المعالَجة وضعف الصحة، لكن أحداً لم يستطع أن يثبت أن هذه الأطعمة هي سبب ذلك الضعف في الصحة، فلا يوجد دليل قاطع حتى الآن.
لكن الثابت رغم ذلك هو أن الباحثين وجدوا روابط متّسقة بين الأطعمة فائقة المعالَجة والعديد من الأمراض الصحية.
ونشرت المجلة الطبية البريطانية في العام الماضي دراسة كانت قد شملت حوالي 10 ملايين شخص يتناولون الأطعمة فائقة المعالَجة، ووجدت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص معرّضون أكثر من غيرهم لخطر الوفاة جرّاء الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسِمنة، والسُكري من النوع الثاني، والقلق والاكتئاب.
ومع ذلك، يصعُب القطع بأن الأطعمة المعالَجة هي سبب المرض، أو أن السبب هو احتواء هذه الأطعمة على مستويات عالية من الدهون والسكر والملح- وهي مكونات من المعروف أنها تساهم في اكتساب الوزن وفي أنواع محدّدة من السرطان.
وأشار علماء تغذية عديدون إلى أوجُه قصور في الدراسة التي قادها إدواردو نيلسون. ومن هؤلاء العلماء: ستيفن برغيز، الخبير بوحدة الإحصاء الحيوي بجامعة كمبريدج، والذي رأى أن الدراسة كانت رصدية لا تستطيع أن تُثبت سبباً.
“وقد يكون السبب في هذا الضَعف الصحيّ ليس الأطعمة فائقة المعالَجة؛ وقد يكون شيئاً مرتبطاً باللياقة البدنية، وبهذا يمكن أن تكون الأطعمة فائقة المعالَجة مجرّد عابر سبيل بريء لا علاقة له بهذا الضَعف”، على حدّ تعبير برغيز.
لكن بيرغز يستدرك قائلا: “عندما نرى هذا الارتباط بين تلك الأطعمة والضَعف الصحي في العديد من الدول والثقافات، فإن ذلك كفيل بأن يثير الشكوك في كون الأطعمة فائقة المعالَجة أكثر من مجرّد عابر سبيل”.
تغيّرت طُرق إنتاج الأطعمة تغيراً جذرياً على مدار الـ 50 عاماً الماضية.
وتُصنّف الأطعمة بأنها فائقة المعالَجة تبعاً لعدد المعالجات التصنيعية التي تمرّ عليها، وكذلك تبعاً لعدد المكونات الداخلة فيها- وهي مكونات عادة ما يتعذّر النُطق بأسمائها.
وتحتوي معظم الأطعمة فائقة المعالَجة على نِسب مرتفعة من الدهون أو السكر أو الملح؛ ويمكن تسمية العديد منها “أطعمة سريعة”.
ويُراعى في تصنيع الأطعمة المعالَجة أن تبقى صالحة لمدة أطول، وأن تكون ألذَّ مذاقاً، كما أنها غالبا ما تحتوي على الملح أو الزيت أو الخمائر.
ومن أمثلة الأطعمة فائقة المعالَجة: الآيس كريم، واللحوم المصنّعة، والمقرمشات، والخبز المنتَج بكميات كبيرة، وحبوب الإفطار، والبسكويت والمشروبات الغازية.
ونحن إنما نتناول هذه المنتجات بإفراط لأنّ لها أصنافاً عديدة بنكهات مختلفة، ولأنها أرخص ثمناً، وأسهلُ في الأكل، ولأنها تحظى بإعلانات كثيرة تجذب إليها الناس، ولا سيما الأطفال.
وتشير باحثة علوم التغذية ميغان روسي إلى أن الفئات التي تُقبل على تلك الأطعمة فائقة المعالَجة عادة ما تكون لهم سلوكيات أخرى غير صحيّة، كالتدخين وقلّة ممارسة تمارين اللياقة البدنية.
مكونات معيّنة يشير وجودها إلى احتمال أن يكون الطعام فائق المعالَجة: