محللون: تعقيدات تعرقل الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة

كشف محللون عن تعقيدات سياسية وأمنية كبيرة تحول دون الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، في ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية، وتباين المواقف الدولية بشأن تشكيل قوة الاستقرار الدولية وحكومة التكنوقراط المقرر أن تدير القطاع في المرحلة المقبلة.

وقال دوغلاس باندو، كبير الباحثين في معهد كيتو والمساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، لبرنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، مساء الجمعة، إن التحدي الأساسي أمام تطبيق المرحلة الثانية يتمثل في غياب وقف إطلاق نار حقيقي، مشيرا إلى أن إسرائيل انتهكت الهدنة، ما يجعل أي تقدم سياسي أمرا بالغ الصعوبة.

وأضاف باندو أن واشنطن تواجه عدة عقبات، أبرزها ملف نزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي ترفضه الحركة كشرط للانتقال إلى المرحلة الثانية، إضافة إلى الخلافات حول تشكيل قوة حفظ الاستقرار، في ظل اعتراض إسرائيل على مشاركة تركيا، ورغبتها في أن تكون القوة غير منخرطة في أي مهام تتعلّق بنزع السلاح.

وانتقد الباحث استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرا إلى أن ذلك يتناقض كليا مع أي حديث عن سلام أو حكومة تكنوقراط، لافتا إلى أن الأطفال في القطاع يموتون نتيجة القصف والبرد ومنع الإغاثة.

وحول الدور الأميركي، اعتبر باندو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تمارس حتى الآن أي ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية، ولم تلوّح بعقوبات رغم استمرار الخروقات، مؤكدا أن واشنطن مطالبة بالاعتراف بأن إسرائيل هي الطرف الذي يُعيق تنفيذ بنود الاتفاق عبر مواصلة الغارات.

ثلاث قضايا محورية

وفي تحليله لمآلات المرحلة الثانية، قال الدكتور إبراهيم الخطيب، أستاذ إدارة النزاعات الدولية بمعهد الدوحة، إن المباحثات الجارية في ميامي مطالبة بحسم ثلاث قضايا محورية، أولها طبيعة وصلاحيات قوة الاستقرار الدولية، بحيث لا تتحول إلى قوة احتلال جديدة، وإنما تقتصر مهامها على حفظ الهدوء والاستقرار في القطاع.

إعلان

وأضاف الخطيب أن القضية الثانية تتعلق بتشكيلة هذه القوة، في ظل الاعتراض الإسرائيلي على مشاركة تركيا، وهو ما يتطلب حسمه عبر مشاورات بين واشنطن والوسطاء الإقليميين، لا سيما قطر ومصر وتركيا. أما القضية الثالثة فتتعلق بالجداول الزمنية لإعادة الإعمار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وتحديد سقف زمني واضح لتطبيق المرحلة الثانية.

وأكد الخطيب أن العامل الحاسم يبقى في مدى استعداد إدارة ترامب للضغط على إسرائيل، مشيرا إلى أن تل أبيب تسعى إلى فرض نزع سلاح حماس دون تقديم أي تنازلات تتعلق بالانسحاب العسكري، رغم أن خطة ترامب تنص بوضوح على انسحاب إسرائيلي متدرج مع بدء المرحلة الثانية.

وأشار إلى أن استمرار الضربات الجوية والمدفعية الإسرائيلية، رغم الاتفاق، يعكس محاولة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية- لفرض أمر واقع جديد في غزة، حتى في حال وجود قوات دولية، محذرا من أن فشل واشنطن في كبح هذه الخروقات قد يؤدي إما إلى عودة الحرب أو إلى تكريس واقع أمني هش.

تشكيل لجنة تكنوقراط

من جانبه، أوضح السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن هناك اتفاقا مبدئيا سابقا بين الفصائل الفلسطينية والسلطة على تشكيل لجنة تكنوقراط أو لجنة إسناد مجتمعي من 10 أعضاء غير منتمين لأي من الفصائل لإدارة المرحلة الانتقالية، نافيا علمه بوجود تراجع رسمي عن هذا التفاهم.

وبشأن قوة الاستقرار الدولية، أشار هريدي إلى أن مهامها منصوص عليها في قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وملحق بخطة الرئيس الأميركي، لافتا إلى وجود ملاحظات مصرية وقطرية وتركية على كيفية تشكيل هذه القوة وتركيبتها، مع استمرار المشاورات حول الدول المشاركة فيها.

رفض مشاركة تركيا

وفي السياق ذاته، قال المحلل العسكري التركي يوسف الأبردة إن رفض إسرائيل مشاركة تركيا في قوة الاستقرار لا يستند إلى أي شرعية، مشددا على أن غزة ليست أرضا إسرائيلية، ولا يحق لتل أبيب تقرير الأطراف المشاركة في الاتفاق.

وأضاف الأبردة أن إسرائيل تسعى إلى تعطيل المرحلة الثانية لأنها تعني وجود آلية دولية لمراقبة الخروقات، وهو ما سيكشف الطرف المنتهك لوقف إطلاق النار، مؤكدا أن تأجيل تشكيل قوة الاستقرار يهدف إلى كسب الوقت ومواصلة فرض الوقائع على الأرض.

وفي ختام النقاش، أجمع الضيوف على أن نجاح المرحلة الثانية من الاتفاق مرهون بحسم قضايا الانسحاب الإسرائيلي، وطبيعة قوة الاستقرار، وشكل الإدارة المدنية في غزة، إضافة إلى توفير ضمانات حقيقية لوقف إطلاق النار، ومنع تكرار الخروقات، محذرين من أن الفشل في ذلك قد يُعيد القطاع إلى مربع التصعيد أو يكرس حالة من عدم الاستقرار طويل الأمد.

 

المصدر: الجزيرة